السباحة مع طفل من ذوي الإعاقة البصرية

rubber duck in pool

عرض كل المقالات بالعربية

ترجمة “مركز قطر الاجتماعي والثقافي للمكفوفين”

ماري ماكدوناش

بدون انذار مسبق ومع القليل من التجهيز والإعداد، تم إغلاق بعض المدارس والحضانات المحلية كإجراء وقائي لمنع تفشي انفلونزا الطيور.

كان وقتا عصيبا للكثير من العائلات.

وبالتأكيد، كنا نحن نرتعد خوفا!

لدينا ابنة عمرها خمس سنوات وتتمتع بصحة جيدة، وإجازة غير متوقعة وكلنا شوق لتمضية وقت ممتع.

لم تكن لدينا أدنى فكرة عن المكان المناسب لتمضية هذا الوقت الممتع، ولكننا علمنا أنه يجب أن يكون:

  1. ممتعا
  2. مثيرا للاهتمام
  3. قليل التكلفة
  4. به خبرات تعليمية
  5. به أقل مستوى ممكن من عدوى انفلونزا الطيور!

أول ما خططنا له هو ذهابنا إلى مسبح عام محلي يوم الاثنين- إذا استمتعت به ابنتنا فهذا أمر جيد ويمكننا العودة إليه مرة أخرى. لم نذهب إليه منذ زمن طويل.

اليوم الأول: قبضة الرعب

أدركنا بسرعة أن فكرتنا عن عدم ذهابنا للمسبح “منذ زمن طويل” مع اليزابيث لم تكن نفسها الفكرة التي أخبرتها بها ذاكرتها، حيث أن ذاكرتها اخبرتها: “لم أذهب أبدا، أبدا إلى هذا المكان من قبل! يا الهي ما هذا الذي يحدث هنا؟!”

دلت ملاحظاتها وموقفها عن درجة متوسطة من القلق والتردد، ولكن سرعان ما نزلنا إلى المسبح. كانت اليزابيث ترتدي بدلة السباحة الحمراء المنقطة، ووجهها الذي رسمت هي عليه “الشجاعة” وألصقته بوجهي الذي رسمت أنا عليه “التشجيع”. وأي تلميح إلى ارخاء التصاق وجهينا وابتعادنا عن بعض وارخاء قبضتها عن رقبتي أو تحريك مؤخرتها عن ركبتي (والتي كانت تثبتها) قوبلت برد حازم: “لا، لن يحدث ذلك، شكرا لك.”

لذلك تبادلنا أنا وزوجي السباحة معها في المسبح لمدة ساعة ونصف على ما نذكر.

في هذه المرحلة، كانت إليزابيث تشعر بالرعب من المياه والافتتان بها بنفس الدرجة في آن واحد. وبعد ذلك، في غرفة تبديل الملابس، واجهنا صعوبة كبيرة في حثها على الاستحمام تحت رشاش المياه: “لقد خرجت لتوي من المياه- لا احتاج للاستحمام مجددا.”

شرحنا لها أنهم قد أضافوا الكلور إلى مياه المسبح لإبقائه نظيفا، وهو ما امكنها شمه بالفعل، ولم يكن من الجيد عدم غسله عن جسدها.

وعلى ما يبدو، كانت تلك القشة التي قصمت ظهر البعير، الرصاصة الأخيرة، الإهانة التي لا تغتفر:“أزيلوه عني!” هتفت مندهشة أشد الاندهاش.

وبعد فحص لاحق، وجد كلانا كدمات بحجم كف وأصابع فتاة في الخامسة من عمرنا على رقبتينا.

ولكنها كانت البداية فقط!

اليوم الثاني: “هل يمكننا الذهاب مرة أخرى؟ اليوم؟””

لاحقا، عندما كنا نتحدث أنا وزوجي عن تجربة اليزابيث، اتفقنا أنها لا بد من أنها قد كانت تجربة غريبة ومخيفة بالنسبة لها، ربما مشابهة لتجربة حقنة التطعيم. لذلك تفاجأنا عندما قفزت من السرير صباح اليوم التالي تتملكها رغبة واحدة فقط: “هل يمكننا الذهاب مرة أخرى؟ الآن؟”

اتفقنا أخيرا على الذهاب بعد الغداء. بعد ذلك، عندما ذهبنا لنتحقق من أصوات الارتطام القادمة من غرفة الجلوس، شرحت لنا اليزابيث أنها كانت “تتدرب على السباحة” على أرضية غرفة الجلوس، ولكن الأرضية لم تتجاوب معها بشكل مناسب لأنها ظلت صلبة ولم تتعاون معها!

كانت هذه فتاة مختلفة عن الأمس، كان ذلك بديهيا. هي تدرك الآن نوع التحدي، وهي تعتزم أن تمنح هذا التحدي الوقت الكافي!

كانت قبضتها على رقابنا أقل احكاما هذه المرة- كنا قررنا في الزيارة الأولى عدم القيام بأي حركات تنم عن مخاوفنا بشأن سلامتها، وألا نطلق “نكات” حول احتمالية سقوطها أو غمرها بالماء حتى رأسها. سنتصرف بنفس الجدية التي تظهرها هي. (وكانت جادة بالفعل إلى أبعد الحدود).

ونجحت طريقتنا بالكامل حين رأينا حجم الثقة التي كانت مستعدة لتهبنا إياها، هي بوضوح لم ترغب في أن تسمح لنا بتقاذفها فيما بيننا حتى نحاكي لها حركات السباحة، أو ان تستلقي على ظهرها ونمسك لها برأسها ومؤخرتها فقط لندعم ثباتها، ولكنها سمحت لنا بفعله على أية حال.

مشت اليزابيث بوجه متجهم على حافة المسبح وهي متمسكة بإحكام. (كان مشيها هذا مشابها لـ”إبحارها” حول المنزل متمسكة بقطع الاثاث مباشرة قبل تعلمها المشي بمفردها.)

وبالمناسبة، فأنا متأكدة من أن بعض حرس الإنقاذ يعتقدون أن بعض الآباء بليدين جدا…لكنهم على الأقل ظلوا متحفظين ولم يعلقوا على فشلنا! لكن إحدى حارسات الإنقاذ التي كانت تبدي اهتماما بتطور اليزابيث في السباحة مشت مبتعدة عنا ثم عاودت الرجوع وهي تحمل عوامتين سباحة لأذرع الأطفال ورمتهما تجاهنا.

حسنا! وددت لو أن ذلك خطر على بالي مسبقا! ذلك المقدار الضئيل من الطفو الإضافي كان كل ما احتاجته ابنتنا الصغيرة لتحصل على الاستقلالية التي تاقت إليها في المياه.

اليوم الثالث: صفارة الإنذار للمنحدر المائي!

قررنا أن نأخذ يوم إجازة من المسبح لأن التعب والإعياء كانا واضحين على اليزابيث، على الرغم من أنها ترفض الاعتراف بذلك! وفي ذلك اليوم امطرتنا اليزابيث بوابل من الاسئلة:

  • لماذا يوجد بلاط على الأرضية؟
  • لماذا الأرضية زلقة؟
  • لماذا الماء سائل؟
  • أخبريني المزيد عن الكلور الذي أشمه في الماء.
  • لماذا نحتاج لإغلاق الباب عندما نغير ملابسنا؟ (ويا له من سؤال كبير!)

<pوبعد أن تسلحت بأجوبتنا على اسئلتها، جاء اليوم الثالث مقدما لنا فتاة مختلفة: لديها بدلة جديدة للسباحة من قطعتين، ولديها الثقة الآن لتبتسم، وأن تتمسك بجانب المسبح وتركل المياه برجليها، والأهم من ذلك كله ان تتحدث عن المنحدر المائي والتي كانت تعلم بوجوده ولكن لم تذكره من قبل أبدا.

لا بد أنه كان يشكل تحد صامت مشؤوم بالنسبة لها. وبعد أن طمأناها إلا أننا سنمسك بها بإحكام وبدون أدنى شك، بدأت بتسلق الدرجات نحو المنحدر والذي يبلغ طوله أربعة أقدام.

لم يكن ذلك ممتعا، شاهدت واستمعت للأطفال الآخرين الذين يصرخون فرحا وحماسا وهم يتزحلقون، ولكنها شعرت بأن هذا شيء تعين عليها فعله، وبالطبع نحن لم نضغط عليها للقيام به، نحن حاولنا فقط تقديم الدعم الايجابي لمحاولتها بغض النظر عن النتيجة.

اصطدمت بالماء كقنبلة انفجرت لتوها!

وبعد أن مسحت على شعرها وعينيها وأنفها، استطعنا رؤية السعادة في ابتسامتها العريضة- لقد نجحت في التحدي الذي وضعته لنفسها، وبدأ فخرها بإنجازها يتعاظم أمام عينيها!

ولكن الأمر لم ينتهِ بعد بالنسبة لها: “أرغب في السباحة تحت الماء.” رمت نفسها تحت سطح الماء في المسبح بعد أن تخلصت من حذرها السابق. ومع كل محاولة لها “للسباحة تحت الماء” (ولم نتمكن من إيقافها أو منعها من المحاولة) انتهت بتجرعها لمياه المسبح، واختناقها به والبقبقة. لم تتمكن حينها من إدراك مهارة إغلاق فمها وعدم التنفس تحت الماء.(بعد الكثير من التفكير، وجدنا حلا: طلبنا منها أن تقوم بأمر معاكس لفتح فمها ومحاولة التنفس تحت الماء- طلبنا منها أن تهمهم تحت الماء! وقد نجح الأمر بالفعل! فعندما تنزل تحت الماء تضغط على شفتيها بإحكام وتبدأ بالهمهمة “هممممممممم” حتى تعود إلى السطح مرة أخرى. فالهواء الذي يخرج من بين شفتيها يمنعها من ابتلاع الماء.)

كانت تشعر بقليل من البرد، وعلى وشك الاستسلام لنوم عميق، ولكنها (ونحن أيضا) كنا نشع فخرا وسعادة في طريقنا إلى المنزل!

اليوم الرابع: “لا تمسكوني!”

Little girl going down a water slide

“إذا لم أطلب منكم المساعدة، لا تمسكوني.”

لم نكن متأكدين أننا سمعنا ما قالت جيدا، لذلك ذهبت أسفل المنحدر وقلت لها “هل ترغبين في أن امسكك؟” وهي كانت في أعلى المنحدر ولا ترد علي بكلمة!

ماذا كان يتعين علي فعله؟

لم أمسكها!!!

خرجت من الماء مبتهجة أشد الابتهاج بانتصارها وعندما تمكنت من التقاط أنفاسها سألت كل شخص حولها في المسبح (والذين كانوا جميعهم غرباء عنها)، “هل رأيتم ذلك؟”

أبدى الجميع اعجابهم بها (وقد تحلوا جميعهم باللباقة عند سؤالهم أكثر من 6 مرات إذا ما رأوا فعلا الجمال والشجاعة وسباحة حورية البحر التي دخلت بها اليزابيث المسبح).

وهكذا بدأت تبحث عن مزيد من التحديات:

  • القفز من جانب المسبح ✓!
  • ركوب ظهر الوالدين ✓!
  • الطفو على ظهرها ✓!
  • الانزلاق من المنحدر من جهة رأسها ✓ واعتقد أنكم تعرفون الجواب لهذه النقطة!

ثم جاءتنا نفس حارسة الإنقاذ اللطيفة التي أعطتنا عوامات الذراع مسبقا، ولكن هذه المرة أعطتنا عوامات دائرية زاهية الألوان. وكان الأمر أصعب هذه المرة، فقد كان لانكسارات المياه بالإضافة إلى ضعف بصرها ما يستوجب تلمسها لطريقها في المنطقة العامة. في البداية فعلت ذلك وهي تثبت قدميها، وعندما أثرنا احتمالية كونها تغش، أجابتنا بحزم وشدة: “هذا ليس خطأ- إنه مختلف.”

وكانت محقة، ونحن علمناها ذلك! عار علينا!

بالطبع لسنا بحاجة إلى تخبرنا للمرة الثالثة وفهمنا الصورة الكاملة عن أدوات النجدة والمساعدة في المسبح، وقد ساعدتنا نظارات السباحة ومشابك الأنف كثيرا! وأدركت اليزابيث روعة الطفو الذي منحتها إياها العوامات بمساعدتها على عدم الغطس للأسفل- لذلك بدأت تغوص تحت الماء باستخدام عوامة واحدة فقط!

تحديث بتاريخ 27/7/2009: “هل هذا مسبح كبير يا ماما؟”

وغطسنا فيه.


تأمل ما تعلمناه…

water

ابنتنا هي أشجع شخص عرفته في حياتي. تعاني من مرض الألبينية (المهق/ البهق) وهي مسجلة “كفيفة” قانونيا. كما أنها تعاني من رهاب الضوء وذلك يعني إن سقوط أشعة الشمس بشكل عابر على سطح مائي بزوايا عشوائية يسبب لها الألم.

تعين عليها أن تتكيف مع مساحات وقوانين مختلفة تمام الاختلاف عما اعتادت عليه. قبلت بجودة صوت ضعيفة، وعرضت نفسها للشعور بالخوف عند تبللها ومشيها على بلاط الأرضية.

كما قامت بتطوير ضرباتها الخاصة على المياه (ضربة باليد، ضربة باليد، ضربة بالقدم، ضربة بالقدم، طرطشة كبيرة، ضحك، بصق مياه المسبح من فمها، وتكرار كل ما سبق مرة أخرى! وأمامها الحياة طويلة لتتعلم السباحة على أصولها).

كما أنها نجحت في تصنيف كل ما سبق تحت فئة الأمور الممتعة- أليس ذلك رائعا؟

إنها تخيفنا وتسحرنا وتدهشنا في نفس الوقت. لا يتعلق الموضوع بإعاقتها البصرية أو مستوى تفكيرها أو أي سبب من ملايين الأسباب التي، نحن كمجموعة آباء لأطفال ورضع مكفوفين وضعاف البصر، نفكر فيها ونعتمدها لنتعامل ونتعايش معها كل ساعة من النهار، وغالبا كل ساعة من الليل أيضا.

بل يتعلق الموضوع بفخري المتعاظم في طفلتي التي تضع الأهداف لنفسها، وتنجزها وتحققها ضمن جدولها الزمني ووفقا لمعاييرها، وتحكم على نفسها بأنها شخص ذو قيمة.

كتبت ما كتبت هنا لها ولأجلها.

وقد تشعرون بالارتياح لمعرفتكم أنني اتفقت مع زوجي على عدم ذكر كلمة التزلج على المياه أبدا على مسمع من اليزابيث! (أو حتى الغطس إلى الأعماق، أو الانقاذ الجوي أو البحري، وهذه قائمة تطول ولم تكتمل بعد!)

أو حارسة إنقاذ…

.Read this article in English