أحيانا لا تملك إلا أن تضحك

woman laughing

عرض كل المقالات بالعربية

ترجمة “مركز قطر الاجتماعي والثقافي للمكفوفين”

جوين اس.

حتى لا أطيل عليكم، فتح عالم العيون الاصطناعية علي بابا من أبواب الحياة الذي ما كنت لأتخيله ابدا حتى في اسوأ كوابيسي.

يتعين علينا نحن، كما هو الحال مع الكثير منكم، تعلم مصطلحات جديدة وتعلم كيفية تربية طفل كفيف (وفي حالتنا، تربية أشقاء لهذا الكفيف أيضا).

لذلك أرغب في القول أن الحياة مختلفة قليلا عن المخطط الذي رسمناه لها.

نعم، مختلفة. ولكن ليس كثيرا لأن مأساة اضطراري للشرح للناس أن آيفي لا تملك عينين (لأنها مصابة بمرض انعدام المقلتين)، ولكن الأكثر من ذلك هو تعلم الضحك، عندما نستطيع ذلك، في أغرب المواقف التي نجد أنفسنا في وسطها بسبب عيناها، أو بسبب عدم وجودهما.

أتذكر زيارتنا الأولى لاختصاصي العيون الصناعية. لا اعلم عمما مررتم به من قصص مع الأطباء، ولكن طبيبنا كان جلفا بعض الشيء! كان عمر آيفي لا يزيد عن بضعة أسابيع، وهكذا وجدنا أنفسنا جالسين في هذا المكتب الذي لم نكن نعلم بوجوده من قبل أبدا، ننتظر هذا الشخص ليأتي ليقابلنا ويعطينا طقم عيون!

كلمة “عاطفية” لا تصف الموقف تماما. اللحظة الفعلية التي قابلنا فيها اختصاصي العيون الصناعية كانت اسوأ مما تخيلت بأضعاف المرات. الآن لم يعد الأمر مضحكا، ولكن بالطبع في حينها كنت ما أزال أحاول فهم ما يجري من حولي وكيف أن هناك شخص يكسب رزقه ويتعيش من وظيفة صنع عيون صناعية مزيفة لإنسان حي. من الواضح أنها كانت وظيفة لم تطرأ على بالي أبدا.

على أية حال، رحب بنا رجل وأدخلنا إلى مكتبه وبدأ الحديث معنا، ولكن كل ما سمعته هو صوت المدرس في المسلسل الكرتوني بيناتس: “وانككك. وانككك. وانككك ……..”. أصبت حينها بالصدمة الشديدة. كان يعرض لنا صورا لأشخاص صنع لهم عيونا، وأنا كنت متسمرة في مكاني من شدة الرعب.

ثم أشار إلى صورة حصان قد صنع له عينا. وبينما كان يتحدث مد قبضته اليسرى تجاهي، فمددت له يدي اليمنى مبسوطة، حيث وضع فيها خمس عيون صغيرة، وظل محدقا بي. غني عن القول ان اللقاء انتهى عندها. ومع ذلك عدنا إلى المنزل ومعنا طقم عيون. وعندما اتذكر تلك الحادثة، لا يتملكني سوى الضحك على سخرية الموقف. لقد تعين علي أن اتحلى بروح الدعابة حينها.

لدي قصص لا تعد ولا تحصى عن عيني آيفي التي نسردها كنكت وقصص مضحكة، ولكن على نحو حسن، ولكن لا توجد قصة تشعرنا بالفخر أكثر من “قصة المصعد”. ولكي لا أطيل عليكم، لا تحب آيفي ارتداء عينيها، ولذلك فإنها تنتزعهما كلما حانت لها الفرصة. تخيل أن تسقط عين ما في تلك المساحة الضيقة بين الأرض والمصعد، والتي لا يزيد عرضها عن بوصة واحدة تقريبا ، نزولا من غرفة المصعد من الطابق الثالث. تبدو قصة مستحيلة، ولكنها حدثت بالفعل. عندما حدثت تلك الواقعة ضحكنا، وربما ظن الناس الذين لا يعرفوننا أننا مجانين. تخيل أن تشرح لرجل الأمن أنك تحتاج للنزول إلى الطابق السفلي لتبحث عن عين سقطت منك في غرفة المصعد. من الواضح أن ذلك استلزم شرحا من جانبك، ومخيلة واسعة من جانب رجل الأمن لكي يتمكن من تصديقك.

وعلى ما يبدو، بالنسبة لهؤلاء الذين لم يولد لهم أطفال مصابون بمرض انعدام المقلة، فإن هذا الموقف بالذات سيجلب لهم الكثير من الدموع السخية. ولا أحتاج للقول بأننا ضحكنا وضحكنا حتى دمعت أعيننا من شدة الضحك.

لم ترتدي آيفي عينيها منذ أكثر من شهر. وكما قلت لكم، فإنها تنتزع عينيها اليسرى أو اليمنى، ليلا أو نهارا. بل وأكثر من ذلك فإنها تضعها في فمها وتمضغها كما تمضغ العلكة. وبعد معركة طويلة، قررنا حفظ عينيها في درج حتى وقت لاحق.

فتحت الليلة الماضية الصندوق الذي احتفظ فيها بعينيها لاسترق إلى عينيها الخضراوان نظرة خاطفة، لأنني اشتاق إليهما أحيانا. تخيلوا دهشتي عندما وجدت عينا واحدة فقط. تنقصنا واحدة الآن، ولا توجد أية فرصة للعثور على العين الضائعة. وكل هذا ليس له علاقة بالموضوع، إلا من مجرد التفكير أنه في مكان ما توجد قصة مضحكة على وشك أن تحدث حين يجد أحد ما تلك العين.

النقطة التي أود شرحها هنا … أحيانا لا تملك إلا أن تضحك. ليس من الضروري علينا دوما أن نأخذ الأمور على محمل الجد. فما بين دروس برنامج التعليم المنفرد للطفل IEP، وجلسات العلاج، ومقابلة الاخصائيين، الخ… فإن حياة أطفالنا تدور حول أناس وأشخاص جادون، ووظيفتنا نحن الآباء والأمهات أن نضحك، وأن نعلمهم الضحك. والأهم من ذلك كله، فإننا نحن أنفسنا نحتاج للضحك أحيانا.

.Read this article in English