حيوا السيدة العمياء

school bus

عرض كل المقالات بالعربية

ترجمة “مركز قطر الاجتماعي والثقافي للمكفوفين”

كتبته كاثي سيفين ويليمز

مساعدة طفلك الكفيف على التفاعل مع المبصرين، ومساعدة المبصرين على التفاعل مع طفلك الكفيف

اكتشفت على مدى العقود الماضية أن الناس يقدمون أفضل ما لديهم إذا منحتهم الخيار لما قد يبدو أفضل أمر يمكن القيام به. غالبا ما يرغب الناس في أن يكونوا لطفاء ونافعين للغير ويرغبوا في التفاعل مع الآخرين، ولكنهم لا يعرفون كيفية القيام بذلك. استغرق الأمر مني عمرا حتى بلغت الأربعينات من عمري حتى اتمكن من اكتساب القدرة على القول ببساطة: “لا استطيع رؤيتك، ولا استطيع تمييز الأشخاص. هل بإمكانك أن تخبرني من أنت عندما تقترب مني؟”

الآن لا يصعب علي قول ذلك. ألا تظن أنه سؤال بديهي؟ لأنه بدا وكأنني اسأل عن شيء معروف بالفطرة. لطالما شعرت بأنهم قد يظنون بأنني لم اهتم كفاية لأتعرف على شخص ما لأنني لم أجد طريقة لذلك. اعرف هؤلاء المكفوفين الذين يمتلكون فهرسا بكل تلك الأصوات التي سمعوها في حياتهم وبإمكانهم معرفة المتحدث حتى ولو كان على بعد غرفتين من موقعهم. ولكن أنا لا امتلك تلك الموهبة! أنا مجرد بشر. على أية حال، عندما تعلمت طلب المساعدة، ادركت ان الناس يسارعون في تقديمها، ولكن ما زال الأمر صعبا علي. إن طلب المساعدة بالقول: “لا استطيع رؤية هذا ولا ذاك، هل بإمكانك مساعدتي لو سمحت؟” أصبح أمرا أسهل مع مرور السنوات.

إذا كيف بإمكانك مساعدة طفلك على تعلم القيام بهذا؟ بإمكانك البدء بإيجاد طريقة للناس ليتبعوها للتفاعل مع طفلك. أخبرهم ماذا يتعين عليهم فعله عندما يلتقون بطفلك للمرة الأولى. أهلي لسوء الحظ كانوا يقولون: “لا تستطيع الرؤية جيدا.” كانت تلك جملة لتفسير كيف أنني تسببت لهم بالإحراج أكثر منها جملة لمنح الآخر فرصة لمخاطبتي بطريقة ملائمة أكثر. لطالما شعرت بالسوء لأنني كنت أحاول دائما أن أقوم بالشيء الصحيح. أحد أعظم العطايا التي بإمكانكم أيها الأهل منحها لأولادكم الصغار هي مهارة إرشاد الآخرين بسهولة إلى الطريقة الصحيحة للتعامل معهم.

عندما كان أولادي يدرسون في الثانوية، مرت سيارة تحمل أصدقاء بناتي بينما كنت واقفة في محطة الحافلات. لوح أحد أصدقائهن لي، ثم تساءل لاحقا ما إذا كنت مستاءة منهم لأني لم أرد التحية. ضحكت ابنتي تريسي وعندها فقط انتبه للخطأ الذي وقع فيه. ومنذ ذلك الموقف، كان الأولاد يرفعون أصواتهم من سياراتهم قائلين: “حيوا السيدة العمياء!”. حتى بعد أن انتقلنا إلى ولاية ثانية، كان البعض منهم يتصلون لإلقاء التحية، ولكن ما كانوا يقولونه لي هو: “اتصلت لأحيي السيدة العمياء”، ثم يتحادثون معي حول آخر اخبارهم.

للأسف يتعين علينا تعليم الناس واحدا تلو الآخر، لأنك إن لم تمر شخصيا بتجربة ما، سيصعب عليك تخيلها فعليا والتفكير فيها، والناس ينظرون إلى العمى برعب وخوف أو بعطف واستعلاء معظم الوقت.

من الجيد حقا أن تبدأ بتعليم طفلك كلمات للتعبير عن فقده لبصره في وقت مبكر حتى لا يرتبك عند التعامل مع الناس والتفاعل معهم. لا أرى خطبا في أن تشرح لطفلك أنه بسبب ما تعانيه عيناه، فإنه ليس باستطاعته النظر إلى الآخرين بنفس الطريقة التي يتوقع الآخرون أن ينظر إليهم بها. بإمكان طفلك العمل بجد أكثر لتكييف جسمه وتوجيهه ليواجه الشخص الذي يرغب بمحادثته ليعوض عن ضعف مقدرته للتواصل بالوجه.

أكثر الأشياء التي أبكتني كثيرا وأنا اترعرع هي عندما كان والداي يجبرانني على النظر إلى ما كنت أفعله على الرغم من عدم قدرتي على الإبصار. شعرت بأن ذلك كان غبيا للغاية وأنهم لم يرغبوا في الاعتراف بأنني عمياء ولا يمكنني الرؤية. ولكن في عالم المبصرين، كلما كنت أقل اختلافا، كلما زادت نسبة قبولك في المجتمع. كان ادعائي المقدرة على رؤية الناس أقل ازعاجا وكانوا ليتقبلوني أكثر. وفي مراحل حياتي اللاحقة انطبق ذلك الحال على الوظائف التي عملت بها والأنشطة التي قمت بها وكذلك المناسبات الاجتماعية التي حضرتها.

ربما لم يكن ذلك صائبا، ولكن الحقيقة أن الناس يفضلون لو أنك لم تكن أعمى لأن ذلك يجعلهم يشعرون بالارتياح أكثر. الناس لا يرغبون في القيام بما يشعرهم بعدم الارتياح، وهذا هو الواقع. وطبعا فإن الجانب السلبي للظهور وكأنك “طبيعي” هو أن الناس لا يدركون أنني لا استطيع الرؤية ولا يقدمون لي المساعدة التي احتاجها بأريحية لذلك يتعين علي العمل بجد أكبر لتسيير أموري. ولكن على المدى البعيد، فأنا من يفوتني الكثير والكثير بهذه الطريقة.

تم النشر بإذن من كاثي سيفين ويليمز. تفضل بزيارة الموقع الالكتروني لكاثي.

Read this article in English