البقاء على قيد الحياة خلال الـ 18 شهرا الأولى

baby brailling

عرض كل المقالات بالعربية

ترجمة “مركز قطر الاجتماعي والثقافي للمكفوفين”

كتبته جانين هولت

علمت عندما بلغ طفلي أسبوعه السادس أن هناك خطبا ما به. شعر الأطباء بأني مصابة بالارتياب، ولكن الأم تعرف طفلها جيدا، وأنا قد علمت أن هناك خطبا ما.

طلب مني الجميع التوقف عن القلق وضرورة تصديق أن الأطفال يختلفون في درجات ومعدلات نموهم. وعندما بلغ ابني شهره الرابع، تلقينا اتصالا: “طفلك كفيف، حيث أنه يعاني من حالة نادرة تسمى مرض فقد البصر الوراثي (LCA)، وللأسف فإن طفلك يعاني من أشد درجات الإصابة بهذا المرض.

شعرت وكأن أحدهم انتزع قلبي من صدري انتزاعا، شعرت بالخوف الشديد على طفلي وكيف سيؤثر هذا الأمر على طفلي الأكبر منه. كان العالم ينهار من حولي وتدفقت الدموع حارة غزيرة من عيني.

مضت الأيام وكان لا بد للحياة أن تستمر. تظاهرت بأن كل شيء على ما يرام وأنا أوصل ابني الأكبر إلى حضانته وحاولت تجنب الأمهات الأخريات. كنت مقتنعة أن الجميع يحدق بطفلي، ويتساءلون ما خطبه.

ثم بدأت بعدها زوبعة الفحوص الطبية: فحوص التصوير بالرنين المغناطيسي، وفحوص التخطيط الكهربائي لشبكية العين، ومواعيد أطباء العيون، والفحوص الجينية، وتصوير الكلى، ومواعيد أطباء الأعصاب … وتطول القائمة وتمر الأسابيع تلو الأسابيع.

اتخذت قرارا سريعا جدا. صرخت في وجه زوجي: “فلنبيع البيت!”. احتجت لمشروع يشغل عقلي عن التفكير، كما احتاج ابني إلى بيئة آمنة وسهلة الوصول. أجرينا اتصالا لوكيل العقارات، وبعد أربعة أسابيع تم تجديد البيت وعرضه للبيع. عندما اتأمل ذلك الماضي، أعجب بشدة كيف أنجزت كل ذلك في وقت عصيب من الحزن والارتباك والحيرة!

استمرت الحياة وبدأت أدرك كيف كنا نزداد قوة. بدأت دموعي تجف رويدا رويدا، وبدأ سلوك جديد يتشكل لدي. نظرت إلى طفلي وتفكرت “لو أنهرت أنا، من سيتولى رعايتك ويقف بجانبك؟”، لقد تقبلت حالته وسأتقبل هذه الحياة الجديدة.

بدأت بالبحث عن مساعدة الآخرين لي من غيري من آباء الأطفال المصابين بمرض فقد البصر الوراثي (LCA)، وأيضا كبار المكفوفين وضعاف البصر. بحثت دائما عن مجموعات الفيسبوك، والمواقع والمدونات التي تحكي قصصا إيجابية وليس قصصا مخيبة للآمال. تلقيت دعما عظيما من عائلتي واصدقائي وحتى الغرباء وشعرت بوجود مجتمع قوي حقا وأنه بإمكاننا أن نكون جزءا منه.

Lachlan and his big brotherحالفنا الحظ ووجدنا منزلا جديدا اعتقدنا أنه كان البيت الأمثل ليترعرع فيه طفل كفيف. ينفتح باب الحديقة على حديقة جميلة مجهزة بالكامل بملعب للأطفال وحديقة غناء خلابة تغني بها الطيور وترفع معنوياتنا عاليا. نعم، كان طفلنا كفيفا ولكننا كنا سعداء ومصممين على أن يحظى طفلنا بحياة رائعة.

دخل حياتنا الكثير من الأشخاص: اخصائيو العلاج الطبيعي، والمدرسين المتخصصين، ومدربي الحركة والتنقل … وكلهم كانوا شموعا مضيئة تدلنا على الدرب الصحيح. تمتعوا جميعهم بمواقف إيجابية لا يمكنك إلا أن تتأثر بها. بدأ طفلي بإنجاز أمور ما كنت لأتخيلها أبدا في تلك الأيام الأولى. وعندما بلغ شهره الثامن عشر، كان طفلي يتمشى بمفرده بدون مساعدة، ويصعد الدرج، ويقفز على لعبة الترامبولين، ويقود دراجة بثلاث عجلات… وكل الأشياء الأخرى التي كان بمقدور أي طفل في الثامنة عشر شهرا من عمره القيام بها.

دفعتني الطاقة الإيجابية التي عثرت عليها إلى البحث عن المزيد من الإيجابية. بدأت بتعلم طريقة برايل، وبدأت بتدريبه على استخدام العصا البيضاء عندما بلغ شهره الثالث عشر (من يهتم أنه كان بالكاد يتمكن من الوقوف حينها)… أردت أن يتعلم طفلي كل شيء قبل وقته وبأسرع وقت ممكن! تحدثت إلى سباح ماراثون كفيف وشجعني على أن اعلم ابني السباحة، واليوم نذهب كل اسبوع إلى المسبح وابني يحب السباحة كثيرا. قرأت كتابا عن فقد البصر، بعنوان تلمس الصخرة: تجربة حياة مع فقدان البصر، واتصلت بمؤلفه جون هيل، وتفاجأت برده الفوري علي وكيف أنه ترك أثرا عميقا في حياتي. شجعتني كلماته على النظر إلى الحياة بصورة مختلفة، وأن اقوم بالأشياء البسيطة كالسماح لطفلي بالإحساس بالرياح والأمطار. كان محقا لأن الفرحة التي ارتسمت على وجه طفلي في ذلك اليوم العاصف لا يمكن قياسها.

وعلى أية حال، لست بصدد إعطاء صورة مشرقة براقة عن كل شيء. نعم، عانينا من الكثير من المشاكل. يبلغ طفلي اليوم شهره التاسع عشر وما زلنا نتعامل مع ضغط عينه الدائم، كما أن تغذيته صعبة ويجب هرس كل طعامه، لم يبدأ الحديث بعد، ووجهه مغطى بالكدمات من اصطدامه الدائم بالأشياء أثناء مشيه… ولكننا واثقون من أن هذه الأشياء ستتحسن مع الوقت.

لقد مررت بلحظات كثيرة من الحزن، ولكنني اعتمدت موقف: “أستطيع القيام بذلك” وهكذا أنا مصممة على أن يحظى ابني بأفضل بداية للحياة يمكنني توفيرها له. ولقد أخبرتني مؤخرا والدة طفل ضعيف البصر أن ابني كان مصدر إلهام بالنسبة لها. امتلأ قلبي بالفخر! إنه مصدر إلهام بالنسبة لي ولكنني لم أدرك يوما أن الآخرين قد يشعرون بذلك أيضا.

في الأيام الأولى التي تلي سماعك للتشخيص، لا تعرف كيف سيكون بمقدورك مواصلة الحياة. حسنا، بالتأكيد الأمر صعب، ولكن تحليك بموقف وسلوك إيجابي، وثقتك بنفسك، وإيمانك بطفلك سيمنحك بداية عظيمة للحياة!

Lachlan brailling

.Read this article in English